سورة سبأ - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)}
{دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} المنسأة هي العصا، وقرئ بهمز وبغير همز، ودابة الأرض هي الارضة، وهي السوسة التي تأكل الخشب وغيره، وقصة الآية أن سليمان عليه السلام دخل قبة من قوارير، وقام يصلي متكئاً على عصاه، فقبض روحه وهو متكئ عليها فبقى كذلك سنة، لم يعلم أحد بموته، حتى وقعت العصا فخر إلى الأرض. واختصرنا كثيراً مما ذكره الناس في هذه القصة لعدم صحته {تَبَيَّنَتِ الجن} من تبين الشيء إذا ظهر، وما بعدها بدل من الجنّ، والمعنى ظهر للناس أنة الجن لا يعلمون الغيب، وقيل: تبينت بمعنى علمت، وأن وما بعدها مفعول به على هذه. والمعنى: علمت الجن أنهم لا يعلمون الغيب، وتحققوا أن ذلك بعد التباس الأمر عليهم، أو علمت الجن أن كفارهم لا يعلمون الغيب، وأنهم كاذبون في دعوة ذلك {فِي العذاب المهين} يعني الخدمة التي كانوا يخدمون سليمان وتسخيره لهم في أنواع الأعمال، والمعنى لو كانت الجن تعلم الغيب ما خفي عليهم موت سليمان.


{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)}
{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ} سبأ: قبيلة من العرب سميت باسم أبيها الذي تناسلت منه، وقيل: باسم أمها، وقيل: باسم موضعها، والأول أشهر، لأنه ورد في الحديث وكانت مساكنهم بين الشام واليمن {جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ} كان لهم واد، وكانت الجنتان عن يمينه وشماله، وجنتان بدل من آية أو مبتدأ أو خبر مبتدأ محذوف {كُلُواْ} تقديره: قيل: لهم كلوا من رزق ربكم، قالت لهم ذلك الأنبياء، وروي أنهم بعث لهم ثلاثة عشر نبياً فكذبوهم {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ} أي كثيرة الأرزاق طيبة الهواء سليمة من الهوام.


{فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)}
{فَأَعْرَضُواْ} أي أعرضوا عن شكر الله، أو عن طاعة الأنبياء {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم} كان لهم سدّ يمسك الماء ليرتفع فتسقى به الجنتان، فأرسل الله على السد الجرذ، وهي دويبة خربته فيبست الجنتان، وقيل: لما خرب السدّ حمل السيل الجنتين وكثيراً من الناس، واختلف في معنى العرم: فقيل هو السدح، وقيل هو اسم ذلك الوادي بعينه، وقيل معناه الشديد، فكأنه صفة للسيل من العرامة، وقيل هو الجرذ الذي خرب السدّ، وقيل: المطر الشديد {أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} الأكل بضم الهمزة المأكول، والخمط شجر الأراك، وقيل: كل شجرة ذات شوك، والأثل شجر ثشبه الطرفا والسدر شجر معروف، وإعراب خمط بدل من أكل، أو عطف بيان وقرئ بالإضافة وأثل عطف على الأكل لا على خمط، لأن الأثل لا أكل له، والمعنى أنه لما أهلكت الجنتان المذكورتان قيل: أبدلهم الله منها جنتين بضد وصفهما في الحسن والأرزاق.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8